جاء الدين الإسلامي بالحق والخير، من أجل إخراج الذين كفروا من الظلمات إلى النور، وبقيت الدعوة مفتوحة للجميع من أجل الدخول في الدين الحنيف، فمن أراد أن يسلم كان النبيّ وأصحابه يأمنون له الطريق حتى لا يتعرّض له الكفار، وأن يكون بمثابة قدوة للكثيرين ممّن حاولوا وفشلوا في نقل العقيدة لأصحابهم بالشكل الصحيح، فالدين الإسلامي انتشر بعد فترة ليست بالبسيطة تعرّض فيها المسلمين للتنكيل، والتعذيب، والمعاناة بكافة الوجوه، وبقيت الدعوة مستمرة، حتّى بعد موت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وكانت أولى الخطوات التي اتّخذها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هي أنهم كانوا يقومون بتأمين حياتهم، وحياة المستحدثين في الإسلام الحنيف، التي نصت على ضرورة أن يكون لكل مسلم مكانته في الحياة، وهذا ما أوضحه النبيّ في بداية الدعوة، وكانت دعوة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ممهّدة بالنسبة له؛ لأنّ الله كان سنداً له في حياته، وبقي واقفاً بجانبه، وعزّز دعوته بالخير والصلاح بالعديد من الرجال الأقوياء الذي ساهموا في ر فع الراية وتحقيق الأمان والخير للمسلمين الضعفاء طوال فترة تولي النبيّ للدعوة بشكل أساسي، واختلف الأمر حقاً عندما قويت شوكة المسلمين، وقوي حالهم، فأصبحوا على استعداد لغزو أي مدينة من أجل نشر دين التوحيد، إذ كان هذا أمر مستحيلاً في بداية الدعوة.
توالت الفتوحات الإسلامية وبسط المسلمين سيطرتهم على مناطق كثيرة ومتفرقة، وقويت شوكتهم كثيراً، واستطاعوا في مدةٍ قليلةٍ جداً أن يكونوا قوماً تهابهم جميع الأقوام، حتى النساء منهم كانت لها الدور البارز في القيام بما لم يستطع رجال الكفار أن يحقّقوه لمدنهم وقراهم، واستطاع المسلمين أن يكونوا رجالاً أشداء، ويحموا مدينتهم ودينهم الحنيف من أي اعتداء عليه.
لا يمكننا في سياق هذا الحديث ألّا نتطرّق إلى أن النبيّ كان يقوم بحماية حدود مدينته، وكان يعمل بكل الوسائل والطرق للحفاظ على الدعوة، ومن أجل التعرف على المدينة التي يقطنها أهلها، وكان سهلاً على النبيّ أن يقوم بذلك، فعلى الرغم من أنّه كان أميّاً لا يعرف الكتابة والقراءة إلّا أنّه كان عبداً شكوراً يحب الله، وكان الله يرسل له الملك جبريل يعلمه كل الأمور التي لم يكن على علم مسبق بها، وهذا ما أراد النبيّ أن يوصله لأهل مكة، أنّه رغم أميّته إلّا أنّه يهتم جداً بالتعليم، ومن أهم الأمور التي كان النبيّ يدعو لها أنّه كان يدعو أسرى الحرب بتعليم أبناء المسلمين أمور الدنيا من القراءة والكتابة من أجل الافراج عنهم، وهذا كان عقابهم بشكل عام.
المرأة في الإسلاملا يمكننا في هذا السياق إلّا أن نتطرّق لأهميّة المرأة في الإسلام، ومكانتها المرموقة بين جميع الناس، فقد استطاعت المرأة المسلمة أن ترسم مستقبلاً لها في عهد النبي، وكانت النساء تتوافد إلى بيت النبيّ من أجل التعلم والتعلم، ولم يكن ذلك أمراً غير محبب بل كان النبيّ يحبّ أن تستفسر المسلمات عن طبيعة الأعمال، وطبيعة الأمور التي تجعل منها سيدات في المجتمع الإسلامي بشكلٍ عام، وكان في استطاعة كل امرأة أن تقدّم لنفسها نموذجاً تسير على أثره، فلا عجب أن تجد النساء في فناء النبيّ يخطبون في النساء، ويثقفون ويتثقفون في الدين، ولم يكن الأمر بالسهولة التي يعتقد أنها كانت، فقد كان خروج المرأة من بيتها ليس بالأمر المحبب، إلّا أنّ الإسلام كفل للمرأة حقها، وجعلها قادرة على التعامل مع الأمور بمنطلق السهل البسيط، وهذه الأمور أدّت إلى تفاعل المرأة في المجتمع وجعلها من أكثر النساء أهمية بالنسبة لباقي الديانات.
عمل المرأة في عهد الرسولإن رجعت إلى كتب السيرة وكتب الإسلام القديمة لوجدت أن المرأة شاركت في الكثير من الأعمال التي كانت صعبة عليها في ذلك الوقت، فنجد السيدة عائشة ابنة أبي بكر رضي الله عنه تخرج من بيتها كل يوم أثناء اختباء النبيّ وصاحبه في غار ثور من أجل أن تنقل لهم الطعام والشراب، وتقدم لهم المساعدة في كل ما يحتاجونه، وعندما تسأل عن أبيها وصاحبه تنكر معرفتها بمكانهما، فكانت قادرة على إخفاء السر بدون أن يشك في نواياها أحد، حتى أنّها لم تكن تخاف أن تتسلق الجبال، وكان في بالها أنّ هذا هو العمل المقدّر لها، وأنّ الله قد أعاطاها هذا الشرف، ولن تتنازل عنه مهما كلّف الأمر.
لا يمكننا أن ننسى أم سليم التي شاركت مع النبيّ في الغزوات، والتي عملت على صد العديد من الضربات عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقد توفيت في ساحة الوغى كالكثير من الرجال، وذكرها التاريخ بالمرأة المناضلة التي لم تتوقف للحظة على تأمين النبيّ ولم تتوانى في خدمة الدعوة الإسلامية ، وكانت أم سليم مثالاً حقيقياً ما زال العرب يضربونه حتى اليوم، فقد كانت نعمة الزوجة ونعم الأم التي قدمت التضحيات في سبيل الدعوة الإسلامية وحاربت مع النبيّ جنباً إلى جنب، ولم تكن تخشى شيئاً، وكل خشيتها كانت على نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم أن يصاب بمكروه وهي تقف وتنظر، ورغم أنها كانت امرأة طاعنة في السن، إلّا أنّها لم تتخلَّ عن هذا الشرف الرفيع، وحاولت بكل الطرق أن تبقى واقفة وصامدة، وشاركت في معظم الغزوات حتى توفاها الله في إحدى حروب الفتوحات الإسلامية ونالت شرف أن تفني حياتها بجانب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
ولا ننسى أم ياسر، التي كانت أول من أسلمت من النساء، والتي حاولت أن تخفي سر إسلام عائلتها وزوجها وأبنائها، ولكن ما أن عرف الكفار بهذا الأمر حتى أنزلوا عليهم العقاب، ومن أجل ذلك أن يتوقف طالبوها بأن تتنازل عن الدين وتعود لرشدها ولكنها أصرّت أن تكون واقفة وصامدة على الدين الحنيف لتقتل ظلماً وبهتاناً، ويهتك بيتها وأهلها، ويموتون جميعاً في سبيل الدعوة الإسلامية التي أراد الله أن تنتشر رغم حقد الحاقدين، وتكون هذه علامة من علامات قوة الدين الحنيف، والقدرة الإلهية التي حمت هذه الأمثلة من النسوة العظيمات اللواتي حافظن على أنفسهن، وعملن بكل جد واجتهاد من أجل إعلاء راية الحق والدين الحنيف، ويكون الدين لله مرتفعاً، وعلمه خفاقاً، ويبعد عنه حقد الحاقدين ممن أرادوا بالدين أذىً.
خاتمةلا بدّ لنا أن نتذكّر في نهاية الأمر أن ما تم ذكره ما هو إلا نماذج بسيطة للنساء اللواتي قدمن الكثير من الأمور في الدعوة الإسلامية وبقي الأمر كذلك حتى ابتهجت الدعوة وأصبحت واسعة ومنتشرة في كل زمانٍ ومكان، ورغم ذلك ما زالت تحفظ للمرأة كامل حقوقها في العمل ما دام العمل غير مؤثر في الدين أو العقيدة وغيرها، وعليه فإن المكانة التي ضمنها الإسلام للمرأة قد جعلتها مصدر إلهام للرجال والنساء بشكل عام في هذه الحياة التي لطالما أرادت أن تجعل من المرأة مداسا يبقى في البيت ولا يتحرك، ولكن إسلامنا الحنيف أبى إلّا أن يجعل لها المكانة الأساسية في المجتمع، وهذا ما تحاول النساء اليوم أن تثبته من خلال الخروج للعمل الشريف والهادف الذي يضمن لهن لقمة العيش الشريفة بعيداً عن بطش الرجل وظلمه.
المقالات المتعلقة بعمل المرأة في عهد الرسول